ساهمت نتائج الإقتراع للدورة الانتخابية الأخيرة بتسليط الضوء على قانون الانتخابات العراقي بشكل كبير, ما وضعه موضع النقد لدى كثير من المراقبين الذين دعوا الى تعديل العديد من فقراته, لكونه فصل على مقاسات بعض مريديه وخصوصاً زعماء الكتل.
وأدى تحكم رئيس القائمة مؤداه في هذا الجانب, لاسيما فيما يخص تحكم “الزعيم” بالنائب البديل في حال تم التصويت على اسمه وزيراً أو اختياره لأي منصب آخر, الأمر الذي أشّر مدى تحكم رئيس القائمة بشكل فاضح في تقريب من يشاء من عتبة البرلمان, وإبعاد آخر عنه.
وبهذا الخصوص يؤكد المحلل السياسي جمعة العطواني, ان “قانون الانتخابات الحالي لا يرتقي لمستوى الديمقراطية التي ينبغي ان يصوت من خلالها المواطن عن ممثليه في السلطة التشريعية”, مشيراً الى ان “احتكار السلطة الذي تعانيه الساحة العراقية الآن, هو واحد من مخلفات قانون الانتخابات”.
وأضاف العطواني لـ”الامل”, انه “يجب ان تكون هناك آليات يتم اضافتها على القانون من أجل السماح للمواطن بإختيار الشخص الذي يراه ناسباً, وان لا يرشح رئيس الكتلة نواباً بدلاً عنه”, وذلك من خلال “تشريع قانون يضمن الاستحقاق الانتخابي للبدلاء, الذين يشكلون الحكومة, حيث ان النواب الذين يتسلمون مناصباً وزارية, يجب ان يتم تعويضهم بحسب الاستحقاقات الانتخابية”.
وأشار الخبير الى ان “النظام فصل على مقاسات زعماء الكتل السياسية, سواء كان في انتخابات مجالس المحافظات أو مجلس النواب, ما جعل كل نتائج الانتخابات تاتي بناءاً على قناعات هؤلاء الزعماء”, مشيراً الى انه “لا يمكن ان تتبدل الوجوه الموجودة في العملية السياسية الحالية الا اذا تم تعديل القانون, لكون الزعامات السياسية هي من تأتي بالاسماء بحسب قانون الانتخابات”.
وصوت مجلس النواب, تشرين الثاني 2013, على قانون الانتخابات بعد تأجيله لعدة مرات وإجراء تصويت جزئي على بعض فقراته, كما أخفق المجلس في عدة جلسات بالتصويت على القانون الذي شهد خلافات عدة بين الكتل، من بينها تحديد القاسم الانتخابي، وتحديد المقاعد التعويضية والكوتا وغيرها من فقرات القانون.
الى جانب ذلك أكد المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في بيان له يوم أمس على ان حل الازمة الحالية “يكون بإجراء انتخابات مبكرة بعد تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة حقيقية من مهنيين وطنيين موضوعيين، وتعديل قانون الانتخابات بالشكل الذي يحفظ ارادة الناخبين وليقول الشعب حينئذٍ كلمته في من يدير شؤون البلاد بعيداً عن فرض الارادات بالقوة” .
واعتمدت النسخة الجديدة من القانون, القائمة المفتوحة مع نظام سانت ليغو المعدل, كما واضافت 18 مقعداً برلمانياً للتغلب على مشكلة توزيع المقاعد التعويضية, بعد ان كان عدد النواب 210 نائباً فقط, في العام 2010.
ومن جهته أكد رئيس كتلة الفضيلة النيابية عمار طعمة, ان قانون الانتخابات غير منصف, لكونه تسبب بترسيخ وتجذير تحكمهم بالمشهد السياسي ومواقع القرار المهمة، فنجد الكثير من ممثلي الشعب في السلطات يتناغمون مع رغبات وطموحات قوائمهم الانتخابية وينفصلون ويتقاطعون واقعيا مع آمال ومطالب المواطنين والسبب انهم يشعرون بارتباط مستقبلهم السياسي بتلك القوائم ومن يقودها وفق النظام الانتخابي المعمول به.
وقال طعمة في بيان تلقت”عين العراق نيوز”نسخة منه, ان “القانون يسمح لأشخاص بالوصول لمواقع القرار بمئات الأصوات فقط, ويبعد أشخاص يحصلون على آلاف الاصوات احيانا، فتنتج خريطة تمثيل سياسي ترجح ولاءها لزعماء القوائم اكثر من المواطن والوطن”.
وشدد طعمة على “أهمية عدم إهمال قانون الانتخابات بالتزامن مع الاصلاحات, في سبيل ألّا تكون معالجة عرضية ترقيعية لا تقود إلاّ للمزيد من المشاكل والتعقيدات”, منوهاً الى ان “تعديل قانون الانتخابات بالطريقة التي تضمن وصول المرشحين الحاصلين على اعلى الاصوات سينهي احتكار السلطة من أشخاص معدودين ويفتح فرص المشاركة الحقيقية الواسعة التي تضمن استقرار النظام السياسي وتوفر أدوات ووسائل رقابية مدعومة بزخم واسع من الجمهور تكفل اجتثاث الفساد بكل أشكاله”.
وتواجه المنظومة الانتخابية بقانونها ومفوضيتها المستقلة, انتقادات ودعوات لإعادة النظر بهما, كي لا تكون الانتخابات شكلية فقط, وتأخذ دورها كوسيلة أساسية في ممارسة حق المساهمة في التعبير عن ارادة الواطن, وحقه في اختيار الممثل الذي يراه مناسباً, فيما دعا مراقبون الى ابعاد تدخل الزعامات السياسية في اختيار البدلاء.
وكان النائب عن عن كتلة الاحرار النيابية مازن المازني دعا, أمس السبت, الى تعديل قانون الانتخابات قبل اجراء اي انتخابات مستقبلية”، مشيراً الى ان “هناك ملاحظات كثيرة على قانون الانتخابات تستدعي مراجعة القانون من قبل مجلس النواب”.